صور من نعيم أهل الجنة
الصورة الأولى : حال المؤمن مع أزواجه في الجنة
ذكر ابن القيم حال في كتابه بستان الواعظين حال المؤمن مع أزواجه في الجنة:
قال ابن عباس رضي الله عنه : وذلك أن ولي الله في الجنة على سرير ، والسرير ارتفاعه خمسمائة عام وهو قول الله عز وجل ( وفرش مرفوعة ) ، قال والسرير من ياقوت أحمر وله جناحان من زمرد أخضر ، وعلى السرير سبعون فراشا حشوها النور ، وظواهرها السندس ، وبطائنها من استبرق ، ولو دلى أعلاها فراشا ما وصل إلى آخرها مقدار أربعين عاما ، وعلى السرير أريكة وهي الحجلة وهي من لؤلؤة عليها سبعون سترا من نور وذلك قوله عز وجل ( هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون) يعني ظلال الأشجار ، على الأرائك يعني السرة في الحجال ، فبينما هو معانقها لا تمل منه ولا يمل منها والمعانقة أربعين عاما فإذا رفع رأسه فإذا هو بأخرى متطلعة عليه تناديه : يا ولي الله أما لنا فيك من دولة ؟ فيقول حبيبتي من أنت ؟ فتقول أنا من اللواتي قال الله فيهن ( ولدينا مزيد ) ، قال فيطير سريره ، أو قال كرسي من ذهب له جناحان فإذا رآها فهي تضعف على الأولى بمائة ألف جزء من النور فيعانقها مقدار أربعين عاما لا تمل منه ولا يمل منها ، فإذا رقع رأسه رأى نورا ساطعا في داره ، فيعجب فيقول سبحان الله أملك كريم زارنا ، أم ربنا أشرف علينا ؟ فيقول الملك وهو على كرسي من نور بينه وبين الملك سبعون عاما ، والملك في حجبته في الملائكة : لم يزرك ملك ولم يشرف عليه ربك عز وجل ، فيقول ما هذا النور ؟
فيقول الملك لزوجتك الدنيوية وهي معك في الجنة ، وأنها طلعت ورأتك معانقا لهذه فتبسمت فهذا النور الساطع الذي تراه في دارك هو نور ثناياها ، فيرفع رأسه إليها فتقول : يا ولي الله أما لنا فيك من دولة ؟ فيقول : حبيبتي من أنت ؟ فتقول له يا ولي الله أما أنا فمن اللواتي قال الله عز وجل فيهن ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ) الآية . قال فيطير سريره إليها فإذا لقيها فهي تضعف عن هذه الأخرى بمائة ألف جزء من النور لأن هذه صلت وصامت وعبدت الله عز وجل ، فهي إذا دخلت الجنة أفضل من نساء الجنة ، لأن أولئك أنبتن نباتا ، فيعانق هذه مقدار أربعين عاما لا تمل منه ولا يمل منها ، ثم إنها تقوم بين يديه وخلاخلها من يواقيت ، فإذا وطئت يسمع من خلاخلها صفير طل طير في الجنة ، فإذا مس كفها كان ألين من المخ ويشم من كفها رائحة كل طيب في الجنة وعليها سبعون حلة من نور لو نشر الرداء منها لأضاء ما بين المشرق والمغرب ، خلقت من نور والحلل عليها أسورة من ذهب وأسورة من فضة وأسورة من لؤلؤ ، وتلك الحلل أرق من نسج العنكبوت وهو أخف عليها من النقش، وأنه يرى مخ ساقها من صفائها ورقتها من وراء العظم واللحم والجلد ، والحلل مكتوب على ذراعها اليمين بالنور ( الحمدلله الذي أذهب عنا الحزن ) ، ومكتوب على كبدها بالنور حبيبي أنا لك لا أريد بك بدلا ، وكبدها مرآته ، وهي على صفاء الياقوت وحسن المرجان وبياض البيض المكنون ( عربا أترابا ) العرب العاشقات لأزواجهن ، والأتراب بنات خمس وعشرين سنة ، مفلجة لو ضحكت لأضاء نور ثناياها ولو سمع الخلائق منطقها لافتتن كل بر وفاجر ، فهي قائمة بين يديه فساقها يضعف على قدميها بمائة ألف جزء من النور ، وفخذها يضعف على ساقها بمائة ألف جزء من النور ، وعجزها ، وعجزها يضعف على فخذها بمائة ألف جزء من النور ، وبطنها يضعف على عجزها بمائة ألف جزء من النور ، وصدرها يضعف على بطنها بمائة ألف جزء من النور ، ووجهها يضعف على نحرها بمائة ألف جزء من النور ، ولو تفلت في بحار الدنيا لعذبت كلها، ولو اطلعت من سقف بيتها إلى الدنيا لأخفى نورها نور الشمس والقمر ، عليها تاج من ياقوت أحمر مكلل بالدر والمرجان على يمينها مائة ألف قرن من قرون شعرها وتلك القرون قرن من نور وقرن من ياقوت وقرن من لؤلؤ وقرن من زبرجد وقرن من مرجان وقرن من در مكلل بالزمرد الأخضر والأحمر، مفضض بألوان الجوهر موشح بألوان الرياحين ليس في الجنة طيب إلا وهو تحت شعرها ، الواحدة تضيء مسيرة أربعين عاما ، وعلى يسارها مثل ذلك ، وعلى مؤخرها مائة ألف ذؤابة من ذوائب شعرها ، فتلك القرون والذوائب إلى نحرها ثم تتدلى إلى عجرتها ثم تتدلى إلى قدميها حتى تجره بالمسك ، وعن يمينها مائة ألف وصيفة كل قرن بيد وصيفة ، وعن يسارها مثل ذلك ومن ورائها مائة ألف وصيفة آخذة بذؤابة من ذوائب شعرها ، ومن بين يديها مائة ألف وصيفة معهن مجامر من در فيها بخور من غير نار ويذهب ريحه في الجنة مسيرة مائة عام ، حولها ولدان مخلدون شباب لا يموتون كأنهن اللؤلؤ المنثور كثرة، فهي فهي قائمة بين يدي ولي الله ترى إعجابه وسروره بها وهي مسرورة وعاشقة له ، فتقول له يا ولي الله لتزدادن غبطة وسرورا ، فتمشي بين يديه بمائة ألف لون من المشي في كل مشية تجلى في سبعين حلة من النور وأن الماشطة معها فإذا مشت تتمايل وتنعطف وتتكاسر وتدور ، وتبتهج بذلك وتبتسم فإذا مالت مالت القرون من الشعر معها ومالت الذوائب ومالت الوصفان معها ، فإذا دارت درن معها ، فإذا أقبلت أقبلن معها ، خلقها الرحمن تبارك وتعالى خلقة إذا أقبلت فهي مقابله وإذا ولت فهي مقبلة الوجه لا تفارق وجهه ولا تغيب عنه، ويرى كل شيء منها ، إذا جلست بعد مائة ألف لون من المشي خرجت عجزتها من السرير وتدلي قرونها وذوائبها فيضطرب ولي الله لولا أن الله قضى أن لا موت فيها لمات طربا ، فلولا أن الله تبارك وتعالى قدرها له ما استطاع أن ينظر إليها مخافة أن يذهب بصره فتقول له يا ولي الله تمتع فلا موت فيها
الصورة الثانية : فرش أهل الجنة
أعدت قصور الجنة وأماكن الجلوس في حدائقها وبساتينها بألوان فاخرة رائعة من الفرش للجلوس والاتكاء ونحو ذلك ، فالسرر كثيرة راقية ، والفرش عظيمة القدر بطائنها من الاستبرق ، فما بالك بظاهرها ، وهناك ترى النمارق مصفوفة على نحر يسر الخاطر ، ويبهج النفس ، والزرابي مبثوثة على شكل منسق متكامل ، قال تعال ( فيها سرر مرفوعة ، وأكواب موضوعة ، ونمارق مصفوفة ، وزرابي مبثوثة ) ، وقال تعالى ( متكئين على فرش بطائنها من استبرق ) ، وقال تعالى ( متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين ) وقال تعالى ( ثلة من الأولين ، وقليل من الآخرين ، على سرر موضونة ، متكيئن عليها متقابلين ) ، واتكاؤهم عليها على هذا النحو من النعيم الذي يتمتع به أهل الجنة حين يجتمعون كما أخبر الله تعالى ( ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين ) ، وقال متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان ) والمراد بالنمارق : المخاد والوسائد المساند ، والزرابي : البسط ، والعبقري : البسط الجياد ، والرفرف: رياض الجنة ، وقيل نوع من الثياب ، والأرائك : السرر
الصورة الثالثة : خدم أهل الجنة
يخدم أهل الجنة ولدان ينشئهم الله لخدمتهم ، يكونون في غاية الجمال والكمال ، كما قال تعالى ( يطوف عليهم ولدان مخلدون ، بأكواب وأباريق وكأس من معين ) وقال ( ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ) ، قال ابن كثير رحمه الله تعالى : ( يطوف على أهل الجنة للخدمة ولدان من ولدان أهل الجنة ( مخلدون ) أي على حالة واحدة مخلدون عليها ، لا يتغيرون عنها ، لا تزيد أعمارهم عن تلك السن ، ومن فسرهم بأنهم مخرصون، في آذانهم الأقرطة فإنما عبر عن المعنى، لأن الصغير هو الذي يليق له ذلك دون الكبير ، وقوله تعالى ( لؤلؤا منثورا ) أي إذا رأيتهم في انتشارهم في قضاء حوائج السادة وكثرتهم وصباحة وجوههم وحسن ألوانهم وثيابهم وحليهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ، ولا يكون في التشبيه أحسن من هذا ، ولا في المنظر أحسن من اللؤلؤ المنثور على المكان الحسن
الصورة الرابعة : شوق أهل الجنة
روى مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن في الجنة لسوقا يأتونها كل جمعة فتهب ريح الشمال، فتحثوا في وجوههم وثيابهم ، فيزدادون حسنا وجمالا، فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسنا وجمالا ، فيقول لهم أهلوهم : والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا، فيقولون والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا ) ، قال النووي في شرحه لهذا الحديث ( المراد بالسوق مجمع لهم يجتمعون كما يجتمع الناس في الدنيا في السوق، ومعنى يأتونها كل جمعة أي أسبوع ، وليس هناك حقيقة أسبوع ، لفقد الشمس والليل والنهار .... ، وخص ريح الجنة بالشمال لأنها ريح المطر عند العرب ، كانت تهب من جهة الشام ، وبها يأتي سحاب المطر ، وكانوا يرجون السحابة الشامية ، وجاءت في الحديث تسمية هذه الريح المثيرة ، أي المحركة ، لأنها تثير في وجوههم ما تثيره من مسك أرض الجنة وغيره من نعيمها )
الصورة الخامسة : اجتماع أهل الجنة وأحاديثهم
يزور أهل الجنة بعضهم بعضا ، ويجتمعون في مجالس طيبة يتحدثون ويذكرون ما كان منهم في الدنيا ، وما منّ الله به عليهم من دخول الجنة ، قال تعالى واصفا ذلك ( ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين ) ، وأخبر تعالى عن لون من ألوان الأحاديث التي يتحدثون بها في مجتمعاتهم ( وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ، قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين ، فمنّ الله علينا ووقانا عذاب السموم ، إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم ) ، ومن ذلك تذكرهم أهل الشر الذين كانوا يشككون أهل الإيمان ويدعونهم إلى الكفران ( فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ، قال قائل منهم إني كان لي قرين ، يقول أءنك لمن المصدقين ، أءذا كنا ترابا وعظاما أءنا لمدينون، قال هل أنتم مطلعون ، فاطلع فرآه في سواء الجحيم ، قال تالله إن كدت لتردين ، ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين ، أفما نحن بميتين ، إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين ، إن هذا لهو الفوز العظيم ، لمثل هذا فليعمل العاملون )
الصورة السادسة : التسبيح والتكبير
الجنة دار جزاء وإنعام ، لا دار تكليف واختبار ، وقد يشكل على هذا ما رواه البخاري وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم في صفة أول زمرة تدخل الجنة ، قال في آخره ( يسبحون الله بكرة وعشيا ) ولا إشكال في ذلك إن شاء الله تعالى ، لأن هذا ليس من باب التكليف ، قال ابن حجر في شرحه للحديث: ( قال القرطبي هذا التسبيح ليس عن تكليف وإلزام ! وقد فسره جابر في حديثه عند مسلم بقوله ( يلهمون التسبيح والتكبير كما تلهمون النفس ) ووجه التسبيه أن تنفس الانسان لا كلفة عليه فيه، ولا بد منه ، فجعل تنفسهم تسبيحا ، وسببه أن قلوبهم تنورت بمعرفة الرب سبحانه ، وامتلأت بحبه ، ومن أحب شيئا أكثر منه )، وقد قرر شيخ الإسلام ابن تيمية أن هذا التسبيح والتكبير لون من ألوان النعيم الذي يتمتع به أهل الجنة ويتلذذون به
الصورة السابعة : رؤية الله تعالى
الصورة الأولى : حال المؤمن مع أزواجه في الجنة
ذكر ابن القيم حال في كتابه بستان الواعظين حال المؤمن مع أزواجه في الجنة:
قال ابن عباس رضي الله عنه : وذلك أن ولي الله في الجنة على سرير ، والسرير ارتفاعه خمسمائة عام وهو قول الله عز وجل ( وفرش مرفوعة ) ، قال والسرير من ياقوت أحمر وله جناحان من زمرد أخضر ، وعلى السرير سبعون فراشا حشوها النور ، وظواهرها السندس ، وبطائنها من استبرق ، ولو دلى أعلاها فراشا ما وصل إلى آخرها مقدار أربعين عاما ، وعلى السرير أريكة وهي الحجلة وهي من لؤلؤة عليها سبعون سترا من نور وذلك قوله عز وجل ( هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون) يعني ظلال الأشجار ، على الأرائك يعني السرة في الحجال ، فبينما هو معانقها لا تمل منه ولا يمل منها والمعانقة أربعين عاما فإذا رفع رأسه فإذا هو بأخرى متطلعة عليه تناديه : يا ولي الله أما لنا فيك من دولة ؟ فيقول حبيبتي من أنت ؟ فتقول أنا من اللواتي قال الله فيهن ( ولدينا مزيد ) ، قال فيطير سريره ، أو قال كرسي من ذهب له جناحان فإذا رآها فهي تضعف على الأولى بمائة ألف جزء من النور فيعانقها مقدار أربعين عاما لا تمل منه ولا يمل منها ، فإذا رقع رأسه رأى نورا ساطعا في داره ، فيعجب فيقول سبحان الله أملك كريم زارنا ، أم ربنا أشرف علينا ؟ فيقول الملك وهو على كرسي من نور بينه وبين الملك سبعون عاما ، والملك في حجبته في الملائكة : لم يزرك ملك ولم يشرف عليه ربك عز وجل ، فيقول ما هذا النور ؟
فيقول الملك لزوجتك الدنيوية وهي معك في الجنة ، وأنها طلعت ورأتك معانقا لهذه فتبسمت فهذا النور الساطع الذي تراه في دارك هو نور ثناياها ، فيرفع رأسه إليها فتقول : يا ولي الله أما لنا فيك من دولة ؟ فيقول : حبيبتي من أنت ؟ فتقول له يا ولي الله أما أنا فمن اللواتي قال الله عز وجل فيهن ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ) الآية . قال فيطير سريره إليها فإذا لقيها فهي تضعف عن هذه الأخرى بمائة ألف جزء من النور لأن هذه صلت وصامت وعبدت الله عز وجل ، فهي إذا دخلت الجنة أفضل من نساء الجنة ، لأن أولئك أنبتن نباتا ، فيعانق هذه مقدار أربعين عاما لا تمل منه ولا يمل منها ، ثم إنها تقوم بين يديه وخلاخلها من يواقيت ، فإذا وطئت يسمع من خلاخلها صفير طل طير في الجنة ، فإذا مس كفها كان ألين من المخ ويشم من كفها رائحة كل طيب في الجنة وعليها سبعون حلة من نور لو نشر الرداء منها لأضاء ما بين المشرق والمغرب ، خلقت من نور والحلل عليها أسورة من ذهب وأسورة من فضة وأسورة من لؤلؤ ، وتلك الحلل أرق من نسج العنكبوت وهو أخف عليها من النقش، وأنه يرى مخ ساقها من صفائها ورقتها من وراء العظم واللحم والجلد ، والحلل مكتوب على ذراعها اليمين بالنور ( الحمدلله الذي أذهب عنا الحزن ) ، ومكتوب على كبدها بالنور حبيبي أنا لك لا أريد بك بدلا ، وكبدها مرآته ، وهي على صفاء الياقوت وحسن المرجان وبياض البيض المكنون ( عربا أترابا ) العرب العاشقات لأزواجهن ، والأتراب بنات خمس وعشرين سنة ، مفلجة لو ضحكت لأضاء نور ثناياها ولو سمع الخلائق منطقها لافتتن كل بر وفاجر ، فهي قائمة بين يديه فساقها يضعف على قدميها بمائة ألف جزء من النور ، وفخذها يضعف على ساقها بمائة ألف جزء من النور ، وعجزها ، وعجزها يضعف على فخذها بمائة ألف جزء من النور ، وبطنها يضعف على عجزها بمائة ألف جزء من النور ، وصدرها يضعف على بطنها بمائة ألف جزء من النور ، ووجهها يضعف على نحرها بمائة ألف جزء من النور ، ولو تفلت في بحار الدنيا لعذبت كلها، ولو اطلعت من سقف بيتها إلى الدنيا لأخفى نورها نور الشمس والقمر ، عليها تاج من ياقوت أحمر مكلل بالدر والمرجان على يمينها مائة ألف قرن من قرون شعرها وتلك القرون قرن من نور وقرن من ياقوت وقرن من لؤلؤ وقرن من زبرجد وقرن من مرجان وقرن من در مكلل بالزمرد الأخضر والأحمر، مفضض بألوان الجوهر موشح بألوان الرياحين ليس في الجنة طيب إلا وهو تحت شعرها ، الواحدة تضيء مسيرة أربعين عاما ، وعلى يسارها مثل ذلك ، وعلى مؤخرها مائة ألف ذؤابة من ذوائب شعرها ، فتلك القرون والذوائب إلى نحرها ثم تتدلى إلى عجرتها ثم تتدلى إلى قدميها حتى تجره بالمسك ، وعن يمينها مائة ألف وصيفة كل قرن بيد وصيفة ، وعن يسارها مثل ذلك ومن ورائها مائة ألف وصيفة آخذة بذؤابة من ذوائب شعرها ، ومن بين يديها مائة ألف وصيفة معهن مجامر من در فيها بخور من غير نار ويذهب ريحه في الجنة مسيرة مائة عام ، حولها ولدان مخلدون شباب لا يموتون كأنهن اللؤلؤ المنثور كثرة، فهي فهي قائمة بين يدي ولي الله ترى إعجابه وسروره بها وهي مسرورة وعاشقة له ، فتقول له يا ولي الله لتزدادن غبطة وسرورا ، فتمشي بين يديه بمائة ألف لون من المشي في كل مشية تجلى في سبعين حلة من النور وأن الماشطة معها فإذا مشت تتمايل وتنعطف وتتكاسر وتدور ، وتبتهج بذلك وتبتسم فإذا مالت مالت القرون من الشعر معها ومالت الذوائب ومالت الوصفان معها ، فإذا دارت درن معها ، فإذا أقبلت أقبلن معها ، خلقها الرحمن تبارك وتعالى خلقة إذا أقبلت فهي مقابله وإذا ولت فهي مقبلة الوجه لا تفارق وجهه ولا تغيب عنه، ويرى كل شيء منها ، إذا جلست بعد مائة ألف لون من المشي خرجت عجزتها من السرير وتدلي قرونها وذوائبها فيضطرب ولي الله لولا أن الله قضى أن لا موت فيها لمات طربا ، فلولا أن الله تبارك وتعالى قدرها له ما استطاع أن ينظر إليها مخافة أن يذهب بصره فتقول له يا ولي الله تمتع فلا موت فيها
الصورة الثانية : فرش أهل الجنة
أعدت قصور الجنة وأماكن الجلوس في حدائقها وبساتينها بألوان فاخرة رائعة من الفرش للجلوس والاتكاء ونحو ذلك ، فالسرر كثيرة راقية ، والفرش عظيمة القدر بطائنها من الاستبرق ، فما بالك بظاهرها ، وهناك ترى النمارق مصفوفة على نحر يسر الخاطر ، ويبهج النفس ، والزرابي مبثوثة على شكل منسق متكامل ، قال تعال ( فيها سرر مرفوعة ، وأكواب موضوعة ، ونمارق مصفوفة ، وزرابي مبثوثة ) ، وقال تعالى ( متكئين على فرش بطائنها من استبرق ) ، وقال تعالى ( متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين ) وقال تعالى ( ثلة من الأولين ، وقليل من الآخرين ، على سرر موضونة ، متكيئن عليها متقابلين ) ، واتكاؤهم عليها على هذا النحو من النعيم الذي يتمتع به أهل الجنة حين يجتمعون كما أخبر الله تعالى ( ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين ) ، وقال متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان ) والمراد بالنمارق : المخاد والوسائد المساند ، والزرابي : البسط ، والعبقري : البسط الجياد ، والرفرف: رياض الجنة ، وقيل نوع من الثياب ، والأرائك : السرر
الصورة الثالثة : خدم أهل الجنة
يخدم أهل الجنة ولدان ينشئهم الله لخدمتهم ، يكونون في غاية الجمال والكمال ، كما قال تعالى ( يطوف عليهم ولدان مخلدون ، بأكواب وأباريق وكأس من معين ) وقال ( ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ) ، قال ابن كثير رحمه الله تعالى : ( يطوف على أهل الجنة للخدمة ولدان من ولدان أهل الجنة ( مخلدون ) أي على حالة واحدة مخلدون عليها ، لا يتغيرون عنها ، لا تزيد أعمارهم عن تلك السن ، ومن فسرهم بأنهم مخرصون، في آذانهم الأقرطة فإنما عبر عن المعنى، لأن الصغير هو الذي يليق له ذلك دون الكبير ، وقوله تعالى ( لؤلؤا منثورا ) أي إذا رأيتهم في انتشارهم في قضاء حوائج السادة وكثرتهم وصباحة وجوههم وحسن ألوانهم وثيابهم وحليهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ، ولا يكون في التشبيه أحسن من هذا ، ولا في المنظر أحسن من اللؤلؤ المنثور على المكان الحسن
الصورة الرابعة : شوق أهل الجنة
روى مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن في الجنة لسوقا يأتونها كل جمعة فتهب ريح الشمال، فتحثوا في وجوههم وثيابهم ، فيزدادون حسنا وجمالا، فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسنا وجمالا ، فيقول لهم أهلوهم : والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا، فيقولون والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا ) ، قال النووي في شرحه لهذا الحديث ( المراد بالسوق مجمع لهم يجتمعون كما يجتمع الناس في الدنيا في السوق، ومعنى يأتونها كل جمعة أي أسبوع ، وليس هناك حقيقة أسبوع ، لفقد الشمس والليل والنهار .... ، وخص ريح الجنة بالشمال لأنها ريح المطر عند العرب ، كانت تهب من جهة الشام ، وبها يأتي سحاب المطر ، وكانوا يرجون السحابة الشامية ، وجاءت في الحديث تسمية هذه الريح المثيرة ، أي المحركة ، لأنها تثير في وجوههم ما تثيره من مسك أرض الجنة وغيره من نعيمها )
الصورة الخامسة : اجتماع أهل الجنة وأحاديثهم
يزور أهل الجنة بعضهم بعضا ، ويجتمعون في مجالس طيبة يتحدثون ويذكرون ما كان منهم في الدنيا ، وما منّ الله به عليهم من دخول الجنة ، قال تعالى واصفا ذلك ( ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين ) ، وأخبر تعالى عن لون من ألوان الأحاديث التي يتحدثون بها في مجتمعاتهم ( وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ، قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين ، فمنّ الله علينا ووقانا عذاب السموم ، إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم ) ، ومن ذلك تذكرهم أهل الشر الذين كانوا يشككون أهل الإيمان ويدعونهم إلى الكفران ( فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ، قال قائل منهم إني كان لي قرين ، يقول أءنك لمن المصدقين ، أءذا كنا ترابا وعظاما أءنا لمدينون، قال هل أنتم مطلعون ، فاطلع فرآه في سواء الجحيم ، قال تالله إن كدت لتردين ، ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين ، أفما نحن بميتين ، إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين ، إن هذا لهو الفوز العظيم ، لمثل هذا فليعمل العاملون )
الصورة السادسة : التسبيح والتكبير
الجنة دار جزاء وإنعام ، لا دار تكليف واختبار ، وقد يشكل على هذا ما رواه البخاري وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم في صفة أول زمرة تدخل الجنة ، قال في آخره ( يسبحون الله بكرة وعشيا ) ولا إشكال في ذلك إن شاء الله تعالى ، لأن هذا ليس من باب التكليف ، قال ابن حجر في شرحه للحديث: ( قال القرطبي هذا التسبيح ليس عن تكليف وإلزام ! وقد فسره جابر في حديثه عند مسلم بقوله ( يلهمون التسبيح والتكبير كما تلهمون النفس ) ووجه التسبيه أن تنفس الانسان لا كلفة عليه فيه، ولا بد منه ، فجعل تنفسهم تسبيحا ، وسببه أن قلوبهم تنورت بمعرفة الرب سبحانه ، وامتلأت بحبه ، ومن أحب شيئا أكثر منه )، وقد قرر شيخ الإسلام ابن تيمية أن هذا التسبيح والتكبير لون من ألوان النعيم الذي يتمتع به أهل الجنة ويتلذذون به
الصورة السابعة : رؤية الله تعالى
عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله تعالى يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة ، فيقولون : لبيك ربنا وسعديك والخير كله بين يديك، فيقول هل رضيتم ؟ فيقولون: ومالنا لا نرضى يا رب ، وقد أعطيتنا مالم تعط أحدا من خلقك؟ فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك ؟ فيقولون : يا رب، وأي شيء افضل من ذلك؟ فيقول : أحل عليكم رضواني فلا اسخط عليكم بعده أبدا ) متفق عليه . وأعظم النعم النظر إلى وجه الله الكريم في جنات النعيم ، يقول ابن الأثير ( رؤية الله هي الغاية القصوى في نعيم الآخرة، والدرجة العليا من عطايا الله الفاخرة ، بلغنا الله منه ما نرجو ) . وقد صرح الحق تبارك وتعالى برؤية العباد لربهم في جنات النعيم فقال ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ) ، والكفار والمشركون يحرمون من هذا النعيم العظيم والتكرمة الباهرة ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) . وقد روى مسلم في صحيحه والترمذي في سننه عن صهيب الرومي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إذا دخل أهل الجنة الجنة ، يقول تبارك وتعالى: تريدون شيئا ازيدكم ؟ فيقولون : ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة ، وتنجنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب ، فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم تبارك وتعالى ) ، زاد في رواية ( ثم تلا هذه الاية ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ))
والنظر إلى وجه الله تعالى من المزيد الذي وعد الله به المحسنين ( لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد ) وقوله ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) ، وقد فسرت الحسنى بالجنة ، والزيادة بالنظر إلى وجه الله الكريم
وأورد ابن القيم في كتابه " بستان الواعظين "
قال أبو هريرة رضي الله عنه : فقلت يا رسول الله ، هل نرى ربنا عز وجل ؟ قال : " نعم هل تضامون في رؤية القمر ليلة البدر؟" فقلنا لا . قال :" فكذلك لا تضامون في رؤية ربكم تبارك وتعالى" ، ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره الله عز وجل محاضرة حتى إنه ليقول عز وجل لرجل يا فلان أتذكر يوم عملت كذا وكذا ؟ يذكره عذلاته في الدنيا فيقول يا رب ألم تغفر لي ؟ قال بلى فبسعة مغفرتي نلت منزلتك هذه . قال فبينما هم على ذلك إذ غشيتهم سحابة من فوقهم فأمطرت عليهم طيبا لم يجدوا مثل ريحه شيئا قط فيقول ربنا عز وجل قدموا إليّ ما أعددت لكم من الكرامة، قال فنأتي سوقا من أسواق الجنة قد حفت به الملائكة لم تسمع به الأذان ، ولم تنظر إليه العيون ولم يخطر على القلوب ، قال فيحمل لنا فيها ما اشتهينا ليس يباع فيها شيء ولا يشترى وفي ذلك السوق يلقى أهل الجنة بعضهم بعضا ، قال فيلقى الرجل ذو المنزلة المرتفعة من هو دونه فيروعه ما عليه من اللباس فما ينقضي حديثه حتى يتمثل عليه أحسن منه ، وذلك أنه لا ينبغي لأحد أن يحزن فيها. قال ثم ننصرف إلى منازلنا فيتلقانا أزواجنا فيقلن مرحبا وأهلا بحبيبنا لقد جئت وأن بك من الجمال والطيب أفضل مما فارقتنا عليه ، فنقول إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار جل جلاله ويحق لنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا .
والنظر إلى وجه الله تعالى من المزيد الذي وعد الله به المحسنين ( لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد ) وقوله ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) ، وقد فسرت الحسنى بالجنة ، والزيادة بالنظر إلى وجه الله الكريم
وأورد ابن القيم في كتابه " بستان الواعظين "
قال أبو هريرة رضي الله عنه : فقلت يا رسول الله ، هل نرى ربنا عز وجل ؟ قال : " نعم هل تضامون في رؤية القمر ليلة البدر؟" فقلنا لا . قال :" فكذلك لا تضامون في رؤية ربكم تبارك وتعالى" ، ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره الله عز وجل محاضرة حتى إنه ليقول عز وجل لرجل يا فلان أتذكر يوم عملت كذا وكذا ؟ يذكره عذلاته في الدنيا فيقول يا رب ألم تغفر لي ؟ قال بلى فبسعة مغفرتي نلت منزلتك هذه . قال فبينما هم على ذلك إذ غشيتهم سحابة من فوقهم فأمطرت عليهم طيبا لم يجدوا مثل ريحه شيئا قط فيقول ربنا عز وجل قدموا إليّ ما أعددت لكم من الكرامة، قال فنأتي سوقا من أسواق الجنة قد حفت به الملائكة لم تسمع به الأذان ، ولم تنظر إليه العيون ولم يخطر على القلوب ، قال فيحمل لنا فيها ما اشتهينا ليس يباع فيها شيء ولا يشترى وفي ذلك السوق يلقى أهل الجنة بعضهم بعضا ، قال فيلقى الرجل ذو المنزلة المرتفعة من هو دونه فيروعه ما عليه من اللباس فما ينقضي حديثه حتى يتمثل عليه أحسن منه ، وذلك أنه لا ينبغي لأحد أن يحزن فيها. قال ثم ننصرف إلى منازلنا فيتلقانا أزواجنا فيقلن مرحبا وأهلا بحبيبنا لقد جئت وأن بك من الجمال والطيب أفضل مما فارقتنا عليه ، فنقول إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار جل جلاله ويحق لنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا .
أماني أهل الجنة
يتمنى بعض أهل الجنة فيها أماني عجيبة تتحقق على نحو عجيب ، لا تشبه حال ما يحدث في الدنيا فهذا واحد من أهل الجنة يستأذن ربه في الزرع فيأذن له ، فما يكاد يلقي البذر حتى يضرب بجذوره في الأرض ، ثم ينمو ويكتمل ، وينضج في نفس الوقت ، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحدث – وعنده رجل من البادية – ( إن رجلا من أهل الجنة استأذن ربه في الزرع ، فقال له : ألست فيما شئت ؟ قال : بلى ، ولكن أحب الزرع ، فبذر فبادر الطرف نباته واستواؤه، واستحصاده ، فكان أمثال الجبال ، فيقول الله تعالى : دونك يا ابن آدم ، فإنه لا يشبعك شيء . فقال الأعرابي : والله لا تجده إلا قرشيا أو أنصاريا فإنهم أصحاب زرع ، وأما نحن فلسنا بأصحاب زرع، فضحك الرسول صلى الله عليه وسلم
وهذا آخر يتمنى الولد ، فيحقق الله له أمنيته في ساعة واحدة، حيث تحمل وتضع في ساعة واحدة ،روى الترمذي في سننه وأحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه بإسناد صحيح عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة ، كان حمله ووضعه وسنه في ساعة واحدة كما يشتهي )
وهذا آخر يتمنى الولد ، فيحقق الله له أمنيته في ساعة واحدة، حيث تحمل وتضع في ساعة واحدة ،روى الترمذي في سننه وأحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه بإسناد صحيح عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة ، كان حمله ووضعه وسنه في ساعة واحدة كما يشتهي )
عدد الجنات وأسمائها
للجنة عدة أسماء باعتبار صفاتها ، ومسماها واحد باعتبار الذات ، فهي مترادفه من هذا الوجه، وتختلف باعتبار الصفات فهي متباينة من هذا الوجه، وهكذا أسماء الرب سبحانه وتعالى وأسماء كتبه وأسماء رسوله وأسماء النار ، وأسماء اليوم الآخر ، والاسم الأول:
الجنة :
وهو الاسم العام المتناول لتلك الدار ، وما اشتملت عليه من أنواع النعيم واللذة والبهجة ، والسرور وقرة الأعين. وأصل اشتقاق هذه اللفظة من الستر والتغطية ، ومنه الجنين لاستتاره في البطن ، والجان لاستتاره عن العيون ، والمجن لستره ووقايته الوجه ، والمجنون لاستتار عقله وتواريه عنه . ومنه سمي البستان جنة لأنه يستر داخله بالأشجار ويغطيه. ومنه قوله تعالى ( اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله) أي يستترون بها من إنكار المؤمنين عليهم
دار السلام:
وقد سماها بهذا الاسم في قوله ( لهم دار السلام عند ربهم ) ، وقوله ( والله يدعو إلى دار السلام ) وهي أحق بهذا الاسم ، فإنها دار السلامة من كل بلية وآفة ومكروه، وهي دار الله ، واسمه سبحانه السلام الذي سلمها وسلم أهلها ( وتحيتهم فيها سلام )
دار الخلد:
وسميت بذلك لأن أهلها لا يظعنون عنها أبدا كما قال تعالى ( عطاء غير مجذوذ)، وقوله ( إن هذا لرزقنا ماله من نفاد ) وقوله ( أكلها دائم وظلها ) وقوله ( وما هم منها بمخرجين) وقوله تعالى ( خالدين فيها أبدا (
دار المقامة:
قال تعالى حكاية عن أهلها ( وقالوا الحمدلله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور ، الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب ) . قال مقاتل : أنزلنا دار الخلود، أقاموا فيها أبدا، لا يموتون ولا يتحولون منها أبدا
جنة المأوى:
قال تعالى ( عندها جنة المأوى) ، والمأوى : مفعل من أوى يأوي ، إذا انضم إلى المكان وصار إليه واستقر به . وقال عطاء عن ابن عباس : هي الجنة التي يأوي إليها جبريل والملائكة . وقال مقاتل والكلبي: هي جنة تأوي إليها أرواح الشهداء وقال كعب : جنة المأوى : جنة فيها طير خضر ترتعي فيها أرواح الشهداء ويقول ابن القيم : والصحيح أنه اسم من أسماء الجنة كما قال تعالى ( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى ، فإن الجنة هي المأوى )
جنات عدن:
فقيل هو اسم جنة من جملة الجنان، ويقول ابن القيم : والصحيح أنه اسم لجملة الجنان ، ولكها جنات عدن، قال تعالى ( جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب) ، وقال تعالى ( ومساكن طيبة في جنات عدن )، والاشتقاق يدل على أن جميعها جنات عدن فإنه من الإقامة والدوام ، يقال : عدن بالمكان إذا أقام به ، وعدنت البلد إذا توطنته
دار الحيوان:
قال تعالى ( وإن الدار الآخرة لهي الحيوان (والمراد الجنة عند أهل التفسير ، قالوا وإن الآخرة يعني الجنة لهي الحيوان: لهي دار الحياة التي لا موت فيها
الفردوس:
قال تعالى : ( أولئك هم الوارثون ، الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون) ، وقال تعالى ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا )، وأصل الفردوس : البستان ، قال كعب هو البستان الذي فيه الأعناب ، وقال الضحاك هي الجنة الملتفة بالأشجار ، وهو اسم يطلق على جميع الجنة وأفضلها وأعلاها
جنات النعيم:
قال تعالى ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم )، وهو اسم يطلق ايضا على جميع الجنات ، لما تضمنته من الأنواع التي يتنعم بها من المأكول والمشروب والملبوس والصور والرائحة الطيبة والمنظر البهيج والمساكن الواسعة
المقام الأمين:
قال تعلى ( إن المتقين في مقام أمين )، والأمين : الآمن من كل سوء وآفة ومكروه ، وهو الذي جمع صفات الأمن كلها ، فهو آمن من الزوال والخراب ، وأنواع النقص ، وأهله آمنون فيه من الخروج والنقص والنكد ، وقوله تعالى ( يدعون فيها بكل فاكهة آمنين ) ، فجمع لهم بذلك بين أمن المكان وأمن الطعام فلا يخافون انقطاع الفاكهة ولا سوء عاقبتها ومضرتها ، وأمن الخروج منها فلا يخافون ذلك ، وأمن الموت فلا يخافون فيها موتا
مقعد صدق ، وقدم صدق:
قال تعالى ( إن المتقين في جنات ونهر ، في مقعد صدق )، فسمى الجنة مقعد صدق لحصول كل ما يراد من المقعد الحسن فيها
وذكر ابن القيم في كتابه بستان الواعظين : روي عن وهب بن منبه عن ابن عباس قال : لما خلق الله تبارك وتعالى الجنات يوم خلقها وفضل بعضها على بعض فهي سبع جنات :
دار الخلد
دار السلام
جنة عدن: وهي قصبة الجنة وهي مشرفة على الجنان كلها وهي دار الرحمن تبارك وتعالى، ليس كمثله شيء ولا يشبه شيء ولباب جنات عدن مصراعان من زمرد وزبرجد من نور كما بين المشرق والمغرب
طعام أهل الجنة وشرابهم
في الجنة ما تشتهيه الأنفس من المآكل والمشارب ( وفاكهة مما يتخيرون ، ولحم طير مما يشتهون) ، وقال تعالى ( وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين )، وقد أباح الله لهم أن يتناولوا منها خيراتها وألوان طعامها وشرابها ما يشتهون (كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية ) . وقد ورد أن في الجنة بحر الماء وبحر الخمر وبحر اللبن وبحر العسل ، وأن أنهار الجنة تنشق من هذه البحار ، وفي الجنة عيون كثيرة ، وأهل الجنة يشربون من تلك البحار والأنهار والعيون
خمر أهل الجنة
من الشراب الذي يتفضل الله به على أهل الجنة الخمر ، وخمر الجنة خالي من العيوب والآفات التي تتصف بها خمر الدنيا، فخمر الدنيا تذهب العقول ، وتصدع الرؤوس ، وتوجع البطون ، وتمرض الأبدان، وتجلب الأسقام ، وقد تكون معيبة في صنعها أو لونها أو غير ذلك ، أما خمر الجنة فإنها خالية من ذلك كله ، جميلة صافية رائقة قال تعالى ( يطاف عليهم بكأس من معين ، بيضاء لذة للشاربين ، لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ) . فقد وصف الله جمال لونها ( بيضاء ) ثم بين أنها تلذ شاربها من غير اغتيال لعقله، كما قال ( وأنهار من خمر لذة للشاربين ) ، ثم إن شاربها لا يمل من شربها ( ولا هم عنها ينزفون ) ، وقال في موضع آخر يصف خمر الجنة ( يطوف عليهم ولدان مخلدون، بأكواب وأباريق وكأس من معين ، لا يصدعون عنها ولا ينزفون )، قال ابن كثير في تفسير هذه الآيات: " لا تصدع رؤوسهم، ولا تنزف عقولهم ، بل هي ثابتة مع الشدة المطربة واللذة الحاصلة، وروى الضحاك عن ابن عباس أنه قال: في الخمر أربعة خصال: السكر والصداع والقيء والبول، فذكر الله خمر الجنة ونزهها عن هذه الخصال"
وقال الحق في موضع آخر ( يسقون من رحيق مختوم ، ختامه مسك ) ، والرحيق: الخمر ، ووصف هذا الخمر بوصفين ، الأول: أنه مختوم أي موضوع عليه خاتم . الأمر الثاني : أنهم إذا شربوه وجدوا في ختام شربهم له رائحة المسك
أول طعام أهل الجنة
أول طعام يتحف الله به أهل الجنة زيادة كبد الحوت، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يكفؤها الجبار بيده ، كما يتكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلا لأهل الجنة ) ، فأتى رجل من اليهود ، فقال : بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم، ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة ؟ قال: " بلى " ، قال : تكون الأرض خبزة واحدة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، فنظر النبي صلى الله عيله وسلم إلينا ، ثم ضحك حتى بدت نواجذه ثم قال : ( ألا أخبرك بإدامهم ؟ بالام والنون، وقالوا وما هذا ؟ قال : ثور ونون ، يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفا )
قال النووي في شرح الحديث ما ملخصه: ( النزل: ما يعد للضيف عند نزوله ، ويتكفأها بيده ، أي يميلها من يد إلى يد حتى تجتمع وتستوي ، لأنها ليسن منبسطة، كالرقاقة ونحوها ، ومعنى الحديث : أن الله تعالى يجعل الأرض كالرغيف العظيم ، ويكون طعاما ونزلا لأهل الجنة ، والنون : الثور ( والـ بالام ) : لفظة عبرانية ، معناها : ثور ، وزائدة كبد الحوت : هي القطعة المنفردة المتعلقة في الكبد ، وهي أطيبها )
وفي صحيح البخاري أن عبدالله بن سلام سأل النبي صلى الله عليه وسلم أول قدومه المدينة أسئلة منها : ( ما أول شيء يأكله أهل الجنة ؟ فقال : زيادة كبد الحوت ) . وفي صحيح مسلم عن ثوبان أن يهوديا سأل الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( فما تحفتهم حين يدخلون الجنة ؟ قال: زيادة كبد الحوت . قال فما غذاؤهم على إثرها ؟ قال : ينحر لهم ثور الجنة الذي يأكل من أطرافها . قال فما شرابهم عليه ؟ قال : من عين تسمى سلسبيلا . قال : صدقت )
طعام أهل الجنة وشرابهم لا دنس معه :
الجنة دار خالصة من الأذى ، وأهلها مطهرون من أوشاب أهل الدنيا ، ففي الحديث الذي يرويه صاحبا الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر ، لا يبصقون فيها ، ولا يمتخطون ، ولا يبزقون ) ، وليس هذا خاص بأول زمرة تدخل الجنة ، وإنما هو عام في كل من يدخل الجنة ففي رواية عند مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أول زمرة تدخل الجنة من أمتي على صورة القمر ليلة البدر ، ثم الذين يلونهم على أشد نجم في السماء إضاءة ، ثم هم بعد ذلك منازل، لا يتغوطون ، ولا يتبولون ، ولا يمتخطون، ولا يبزقون )
وقد يقال : فأين تذهب فضلات الطعام والشراب ، وقد وجه هذا السؤال إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من قبل أصحابه ، فأفاد أن بقايا الطعام والشراب تتحول على رشح كرشح المسك يفيض من أجسادهم ، كما يتحول بعض منه إلى جشاء، ولكنه جشاء تنبعث منه روائح طيبة عبقة عطرة، ففي صحيح مسلم عن جابر بن عبدالله ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ولا يتفلون ولا يتبولون ، ولا يتغوطون ولا يمتخطون . قالوا : فما بال الطعام ؟ قال : جشاء كجشاء المسك )
لماذا يأكل أهل الجنة ويشربون ويمتشطون:
إذا كان أهل الجنة فيها خالدون، وكانت خالية من الآلام والأوجاع والأمراض ، لا جوع فيها ولا عطش ، ولا قاذورات ولا أوساخ ، فلماذا يأكل أهل الجنة فيها ويشربون ، ولماذا يتطيبون ويمتشطون ؟ا
أجاب القرطبي في التذكرة عن هذا السؤال قائلا : ( نعيم أهل الجنة وكسوتهم ليس عن دفع ألم اعتراهم، فليس أكلهم عن جوع، ولا شربهم عن ظمأ، ولا تطيبهم عن نتن، وإنما هي لذات متوالية، ونعم متتابعة ، ألا ترى قوله تعالى لآدم ( إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى ، وأنك لا تظمؤ فيها ولا تضحى) . وحكمة ذلك أن الله تعالى عرفهم في الجنة بنوع ما كانوا يتنعمون به في الدنيا، وزادهم على ذلك مالا يعلمه إلا الله عز وجل )
آنية طعام أهل الجنة وشرابهم :
آنية طعام أهل الجنة التي يأكلون ويشربون بها من الذهب والفضة، قال تعالى ( يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب) ، أي وأكواب من ذهب ، وقال ( ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا، قواريرا من فضة قدروها تقديرا ) ، أي اجتمع فيها صفاء القوارير وبياض الفضة
وقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة ................ وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما ، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما )
خمر أهل الجنة
من الشراب الذي يتفضل الله به على أهل الجنة الخمر ، وخمر الجنة خالي من العيوب والآفات التي تتصف بها خمر الدنيا، فخمر الدنيا تذهب العقول ، وتصدع الرؤوس ، وتوجع البطون ، وتمرض الأبدان، وتجلب الأسقام ، وقد تكون معيبة في صنعها أو لونها أو غير ذلك ، أما خمر الجنة فإنها خالية من ذلك كله ، جميلة صافية رائقة قال تعالى ( يطاف عليهم بكأس من معين ، بيضاء لذة للشاربين ، لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ) . فقد وصف الله جمال لونها ( بيضاء ) ثم بين أنها تلذ شاربها من غير اغتيال لعقله، كما قال ( وأنهار من خمر لذة للشاربين ) ، ثم إن شاربها لا يمل من شربها ( ولا هم عنها ينزفون ) ، وقال في موضع آخر يصف خمر الجنة ( يطوف عليهم ولدان مخلدون، بأكواب وأباريق وكأس من معين ، لا يصدعون عنها ولا ينزفون )، قال ابن كثير في تفسير هذه الآيات: " لا تصدع رؤوسهم، ولا تنزف عقولهم ، بل هي ثابتة مع الشدة المطربة واللذة الحاصلة، وروى الضحاك عن ابن عباس أنه قال: في الخمر أربعة خصال: السكر والصداع والقيء والبول، فذكر الله خمر الجنة ونزهها عن هذه الخصال"
وقال الحق في موضع آخر ( يسقون من رحيق مختوم ، ختامه مسك ) ، والرحيق: الخمر ، ووصف هذا الخمر بوصفين ، الأول: أنه مختوم أي موضوع عليه خاتم . الأمر الثاني : أنهم إذا شربوه وجدوا في ختام شربهم له رائحة المسك
أول طعام أهل الجنة
أول طعام يتحف الله به أهل الجنة زيادة كبد الحوت، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يكفؤها الجبار بيده ، كما يتكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلا لأهل الجنة ) ، فأتى رجل من اليهود ، فقال : بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم، ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة ؟ قال: " بلى " ، قال : تكون الأرض خبزة واحدة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، فنظر النبي صلى الله عيله وسلم إلينا ، ثم ضحك حتى بدت نواجذه ثم قال : ( ألا أخبرك بإدامهم ؟ بالام والنون، وقالوا وما هذا ؟ قال : ثور ونون ، يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفا )
قال النووي في شرح الحديث ما ملخصه: ( النزل: ما يعد للضيف عند نزوله ، ويتكفأها بيده ، أي يميلها من يد إلى يد حتى تجتمع وتستوي ، لأنها ليسن منبسطة، كالرقاقة ونحوها ، ومعنى الحديث : أن الله تعالى يجعل الأرض كالرغيف العظيم ، ويكون طعاما ونزلا لأهل الجنة ، والنون : الثور ( والـ بالام ) : لفظة عبرانية ، معناها : ثور ، وزائدة كبد الحوت : هي القطعة المنفردة المتعلقة في الكبد ، وهي أطيبها )
وفي صحيح البخاري أن عبدالله بن سلام سأل النبي صلى الله عليه وسلم أول قدومه المدينة أسئلة منها : ( ما أول شيء يأكله أهل الجنة ؟ فقال : زيادة كبد الحوت ) . وفي صحيح مسلم عن ثوبان أن يهوديا سأل الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( فما تحفتهم حين يدخلون الجنة ؟ قال: زيادة كبد الحوت . قال فما غذاؤهم على إثرها ؟ قال : ينحر لهم ثور الجنة الذي يأكل من أطرافها . قال فما شرابهم عليه ؟ قال : من عين تسمى سلسبيلا . قال : صدقت )
طعام أهل الجنة وشرابهم لا دنس معه :
الجنة دار خالصة من الأذى ، وأهلها مطهرون من أوشاب أهل الدنيا ، ففي الحديث الذي يرويه صاحبا الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر ، لا يبصقون فيها ، ولا يمتخطون ، ولا يبزقون ) ، وليس هذا خاص بأول زمرة تدخل الجنة ، وإنما هو عام في كل من يدخل الجنة ففي رواية عند مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أول زمرة تدخل الجنة من أمتي على صورة القمر ليلة البدر ، ثم الذين يلونهم على أشد نجم في السماء إضاءة ، ثم هم بعد ذلك منازل، لا يتغوطون ، ولا يتبولون ، ولا يمتخطون، ولا يبزقون )
وقد يقال : فأين تذهب فضلات الطعام والشراب ، وقد وجه هذا السؤال إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من قبل أصحابه ، فأفاد أن بقايا الطعام والشراب تتحول على رشح كرشح المسك يفيض من أجسادهم ، كما يتحول بعض منه إلى جشاء، ولكنه جشاء تنبعث منه روائح طيبة عبقة عطرة، ففي صحيح مسلم عن جابر بن عبدالله ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ولا يتفلون ولا يتبولون ، ولا يتغوطون ولا يمتخطون . قالوا : فما بال الطعام ؟ قال : جشاء كجشاء المسك )
لماذا يأكل أهل الجنة ويشربون ويمتشطون:
إذا كان أهل الجنة فيها خالدون، وكانت خالية من الآلام والأوجاع والأمراض ، لا جوع فيها ولا عطش ، ولا قاذورات ولا أوساخ ، فلماذا يأكل أهل الجنة فيها ويشربون ، ولماذا يتطيبون ويمتشطون ؟ا
أجاب القرطبي في التذكرة عن هذا السؤال قائلا : ( نعيم أهل الجنة وكسوتهم ليس عن دفع ألم اعتراهم، فليس أكلهم عن جوع، ولا شربهم عن ظمأ، ولا تطيبهم عن نتن، وإنما هي لذات متوالية، ونعم متتابعة ، ألا ترى قوله تعالى لآدم ( إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى ، وأنك لا تظمؤ فيها ولا تضحى) . وحكمة ذلك أن الله تعالى عرفهم في الجنة بنوع ما كانوا يتنعمون به في الدنيا، وزادهم على ذلك مالا يعلمه إلا الله عز وجل )
آنية طعام أهل الجنة وشرابهم :
آنية طعام أهل الجنة التي يأكلون ويشربون بها من الذهب والفضة، قال تعالى ( يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب) ، أي وأكواب من ذهب ، وقال ( ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا، قواريرا من فضة قدروها تقديرا ) ، أي اجتمع فيها صفاء القوارير وبياض الفضة
وقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة ................ وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما ، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما )
ضحك أهل الجنة من أهل النار
بعد أن يدخل الله أهل الجنة الجنة ينادون خصومهم من الكفار أهل النار مبكتين ومؤنبين ( ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين ) ، لقد كان الكفار في الدنيا يخاصمون المؤمنين ويسخرون منهم ويهزؤون بهم ، وفي ذلك اليوم ينتصر المؤمنون فإذا بهم في النعيم المقيم ينظرون إلى المجرمين فيسخرون منهم ويهزؤون بهم (إن الأبرار لفي نعيم ، على الأرائك ينظرون ، تعرف في وجوههم نضرة النعيم ، يسقون من رحيق مختوم ، ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ، ومزاجه من تسنيم ، عينا يشرب بها المقربون ، إن الذين أجرموا كانوا من الذين امنوا يضحكون ، وإذا مروا بهم يتغامزون ، وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين ، وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون ، وما أرسلوا عليهم حافظين ، فاليوم الذين امنوا من الكفار يضحكون ، على الأرائك ينظرون ، هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون )
نعم والله لقد جوزي الكفار بما كانوا يفعلون ، والجزاء من جنس العمل ، ويتذكر المؤمن في جنات النعيم ذلك القرين أو الصديق الذي كان يزين له الكفر في الدنيا وكان يدعوه إلى تلك المبادئ الضالة التي تجعله في صف الكافرين أعداء الله ، فيحدث اخوانه عن ذلك القرين ، ويدعوهم للنظر إليه في مقره الذي يعذب فيه ، فعندما يرى ما يعانيه من العذاب يعلم مدى نعمة الله عليه وكيف خلصه من حاله ، ثم يتوجه إليه باللوم والتأنيب ( فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ، قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ ، يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنْ الْمُصَدِّقِينَ ، أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ ، قَالَ هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ ، فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيمِ ، قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدتَّ لَتُرْدِينِ ، وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ، أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ ، إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ، إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )
نور الجنة
قال القرطبي : ( قال العلماء : ليس في الجنة ليل ونهار ، وإنما هم في نور دائم أبدا ، وإنما يعرفون مقدار الليل بإرخاء الحجب وإغلاق الأبواب ، ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وفتح الأبواب ، ذكره أبو الفرج بن الجوزي )
قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى : ( ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا ،، تلك الجنة نورث من عبادنا من كان تقيا )، أي في مثل وقت البكرات ووقت العشيات ، لا أن هناك ليلا ونهارا ولكنهم في أوقات تتعاقب يعرفون مضيها بأضواء وأنوار ). ويقول ابن تيمية في هذا الموضوع : ( والجنة ليس فيها شمس ولا قمر ، ولا ليل ولا نهار ، لكن تعرف البكرة والعشية بنور يظهر من قبل العرش ).
ريح الجنة :
للجنة رائحة عبقة زكية تملأ جنباتها ، وهذه الرائحة يجدها المؤمنون من مسافات شاسعة ، ففي مسند أحمد وسنن النسائي وابن ماجه ومستدرك الحاكم بإسناد صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( من قتل رجلا من أهل الذمة لم يجد ريح الجنة ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين عاما ). وفي صحيح البخاري ومسند أحمد وسنن النسائي وابن ماجه عن عبدالله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما ).
نساء الدنيا
زوجة المؤمن في الدنيا تكون زوجته في الجنة أيضا إذا كانت مؤمنة ، قال تعالى ( جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم ) ، وهم في الجنات منعمون مع الأزواج ، يتكئون في ظلال الجنة مسرورين فرحين ( هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون ) ، وقال ( ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون )
والمرأة تكون لآخر أزواجها في الدنيا ، روى ابو الحراني في " تاريخ الرقة " عن ميمون بن مهران قال : خطب معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أم الدرداء ، فأبت أن تزوجه ، وقالت : سمعت أن أبا الدرداء يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( المرأة في آخر أزواجها ، أو قال : لآخر أزواجها ) ، وهذا الحديث قوي بمجموع طرقه ، وله شاهدان موقوفان:
الأول : يرويه ابن عساكر عن عكرمة ( أن أسماء بنت أبي بكر كانت تحت الزبير بن العوام ، وكان شديدا عليها، فأتت أباها ، فشكت ذلك إليه ، فقال : يا بنية اصبري ، فإن المرأة إذا كان لها زوج صالح ، ثم مات عنها ، فلم تزوج بعده جمع بينهما في الجنة )
الثاني : أخرجه البيهقي في السنن أن حذيفة قال لزوجته : ( إن شئت أن تكوني زوجتي في الجنة فلا تزوجي بعدي ، فإن المرأة في الجنة لآخر أزواجها في الدنيا ) ، فلذلك حرم الله على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن ينكحن من بعده لأنهن أزواجه في الآخرة
وورد في " النهاية في الفتن والملاحم " للحافظ بن كثير ، أن أم حبيبة قالت : يا رسول الله : المرأة يكون لها الزوجان في الدنيا ، فلأيهما تكون ؟ فقال : لأحسنهما خلقا كان معها في الدنيا . ثم قال : يا أم حبيبة : ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة . وروي عن أم سلمة نحو هذا ، والله أعلم
والمرأة تكون لآخر أزواجها في الدنيا ، روى ابو الحراني في " تاريخ الرقة " عن ميمون بن مهران قال : خطب معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أم الدرداء ، فأبت أن تزوجه ، وقالت : سمعت أن أبا الدرداء يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( المرأة في آخر أزواجها ، أو قال : لآخر أزواجها ) ، وهذا الحديث قوي بمجموع طرقه ، وله شاهدان موقوفان:
الأول : يرويه ابن عساكر عن عكرمة ( أن أسماء بنت أبي بكر كانت تحت الزبير بن العوام ، وكان شديدا عليها، فأتت أباها ، فشكت ذلك إليه ، فقال : يا بنية اصبري ، فإن المرأة إذا كان لها زوج صالح ، ثم مات عنها ، فلم تزوج بعده جمع بينهما في الجنة )
الثاني : أخرجه البيهقي في السنن أن حذيفة قال لزوجته : ( إن شئت أن تكوني زوجتي في الجنة فلا تزوجي بعدي ، فإن المرأة في الجنة لآخر أزواجها في الدنيا ) ، فلذلك حرم الله على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن ينكحن من بعده لأنهن أزواجه في الآخرة
وورد في " النهاية في الفتن والملاحم " للحافظ بن كثير ، أن أم حبيبة قالت : يا رسول الله : المرأة يكون لها الزوجان في الدنيا ، فلأيهما تكون ؟ فقال : لأحسنهما خلقا كان معها في الدنيا . ثم قال : يا أم حبيبة : ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة . وروي عن أم سلمة نحو هذا ، والله أعلم
الحور العين
الحور: جمع حوراء وهي التي يكون بياض عينها شديد البياض، وسواده شديد السواد
العين: جمع عيناء ، وهي واسعة العين ،وقد قال سبحانه وتعالى مخبرا عما أعده لعباده المتقين( وزوجناهم بحور عين) ، كما جاء في وصف الحور بأنهن كواعب أتراب، فقال تعالى ( إن للمتقين مفازا، حدائق وأعنابا ، وكواعب أترابا) ، والكاعب: المرأة الجميلة التي برز ثدياها، والأتراب: المتقاربات في السن، والحور العين من خلق الله في الجنة ، أنشأهن إنشاء ، فجعلهن أبكارا، عربا أترابا (إنا أنشأناهن إنشاء ، فجعلناهن أبكارا ، عربا أترابا( ، والعرب: المتحببات إلى أزواجهن، وكونهن ابكارا يقتضي أنه لم ينكحهن قبلهم أحد كما قال تعالى : ( لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان )
وتحدث القرآن عن جمال نساء الجنة فقال: ( وحور عين ، كأمثال اللؤلؤ المكنون) والمراد بالمكنون : المصان الذي لم يغير صفاء لونه ضوء الشمس ، ولا عبث الأيدي، وشبههن في موضع آخر بالياقوت والمرجان ( فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ، فبأي آلاء ربكما تكذبان ، كأنهن الياقوت والمرجان )، والياقوت والمرجان: حجران كريمان لهما منظر حسن بديع، وقد وصف الحور بأنهن قاصرات الطرف : وهن اللواتي قصرن بصرهن على أزواجهن، فلم تطمح أنظارهن لغير أزواجهن ، وقد شهد الله سبحانه للحور بالحسن والجمال ، وحسبك أن الله شهد بهذا ليكون قد بلغ غاية الحسن والجمال ( فيهن خيرات حسان ، فبأي آلاء ربكما تكذبان، حور مقصورات في الخيام( . ونساء الجنة مطهرات عما يعتري نساء الدنيا من الحيض والنفاس والمخاط وما إلى ذلك، وهذا مقتضى قوله تعالى ( ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون ).
وقد حدثنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن جمال نساء أهل الجنة ، ففي الحديث الذي يرويه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه - والحديث عن أول زمرة تدخل الجنة - ( ولكل واحد منهم زوجتان ، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن) . وانظر إلى هذا الجمال الذي يحدث عنه الرسول صلى الله عليه وسلم هل تجد له نظيرا مما تعرف؟ ( ولو أن امرأة من أهل الجنة اطلعت إلى أهل الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأته ريحا ، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها) رواه البخاري
وتحديد عدد زوجات كل شخص في الجنة باثنين يبدو أنه اقل عدد ، وإلا فقد ورد أن الشهيد يزوج باثنين وسبعين زوجة من الحور العين، ففي سنن الترمذي وسنن ابن ماجه بإسناد صحيح عن المقدام بن معدي كرب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة من دمه ، ويرى مقعده من الجنة ، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر ، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوته منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقربائه)
ذكر ابن وهب عن محمد بن بن كعب القرظي أنه قال : والله الذي لا إله إلا هو لو أن امرأة من الحور العين أطلعت سوارها من العرش لأطفأ نور سوارها الشمس والقمر فكيف المسورة وأن ما خلق الله شيئا تلبسه إلا عليه ما عليها من ثياب وحلي . وقال أبو هريرة رضي الله عنه إن في الجنـة حـوراء يقال لها العيناء إذا مشت مشى حولها سبعون ألف وصيف[عن يمينها ويسارها كذلك] وهي تقول : أين الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر . وقال ابن عباس : إن في الجنة حوراء يقال لها لُعبة لو بزقت في البحر لعذب ماء البحر كله. مكتوب على نحرها من أحب أن يكون له مثلي فليعمل بطاعة ربي عز وجل.
وقال عطاء السلمي لمالك بن دينار : يا أبا يحيى شوقنا. قال يا عطاء: إن في الجنة حوراء يتباهى بها أهل الجنة من حسنها لولا أن الله كتب على أهل الجنة أن لا يموتوا لماتوا عن آخرهم من حسنها. قال : فلم يزل عطاء كمدا من قول مالك اربعين يوما
غناء الحور العين:
ورد في معجم الطبراني الأوسط بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن أزواج أهل الجنة ليغنين أزواجهن بأحسن أصوات ما سمعها أحد قط. إن مما يغنين: نحن الخيرات الحسان ، أزواج قوم كرام ، ينظرن بقرة أعيان ، وإن مما يغنين به : نحن الخالدات فلا يمتنه ، نحن الآمنات فلا يخفنه ، نحن المقيمات فلا يظعنه) ، وعن أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الحور العين لتغنين في الجنة ، يقلن : نحن الحور الحسان ، خبئنا لأزواج كرام)
صفة الحور :
ذكر ابن الجوزي في كتابه بستان الواعظين صفة الحور : في نحرها مكتوب أنت حبي وأنا حبك لست أبغي بك بدلا ولا عنك معدلا. كبدها مرآته وكبده مرآتها يرى مخ ساقها من وراء لحمها وحليها كما ترى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء ، وكما يرى السلك الأبيض في جوف الياقوتة الصافية
دلال الحور: روي عن الحسن رضي الله عنه أنه قال : بينما ولي الله في الجنة مع زوجته من الحور العين على سرير من ياقوت أحمر وعليه قبة من نور، إذا قال لها : قد اشتقت إلى مشيتك، قال فتنزل من سرير ياقوت أحمر إلى روضة مرجان أخضر ، وينشئ الله عز وجل لها في تلك الروضة طريقين من نور ، أحدهما نبت الزعفران ، والآخر الكافور ، فتمشي في نبت الزعفران وترجع في نبت الكافور ، وتمشي بسبعين ألف لون من الغنج
غيرة الحور العين على أزواجهن في الدنيا: ورد في مسند أحمد وسنن الترمذي بإسناد صحيح عن معاذ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا ، إلا قالت زوجته من الحور العين : لا تؤذيه قاتلك الله ، فإنما هو دخيل عندك يوشك أن يفارقك إلينا)
يعطى المؤمن في الجنة قوة مائة رجل: عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (يعطى المؤمن في الجنة قوة كذا وكذا من الجماع . قيل يا رسول الله ، أو يطيق ذلك؟ قال : يعطى قوة مائة رجل ) ، رواه الترمذي
الأوائل في دخول الجنة
إن أول البشر دخولا إلى الجنة على الإطلاق هو رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وأول الأمم دخولا إلى الجنة هم أمته، وأول من يدخل الجنة من هذه الأمة هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه . وقد وردت الأحاديث في ذلك ، فروى مسلم في صحيحه عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنا أول من يقرع باب الجنة ). وروى مسلم عن أنس أيضا ، قال : قال رسول الله صلى اله عليه : ( آتي باب الجنة فأستفتح ، فيقول الخازن: من أنت ؟ فأقول محمد . فيقول : بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك ) . وثبت في الصحيحين وسنن النسائي عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( نحن الآخرون الأولون يوم القيامة ، نحن أول الناس دخولا الجنة ) . وفي سنن أبي داود عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( آتاني جبريل فأراني باب الجنة الذي تدخل منه أمتي ) فقال أبو بكر : وددت أني كنت معك حتى أنظر إليه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي ).
أما أول زمرة تدخل الجنة فقد وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : ( إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر ، والذين على آثارهم كأشد كوكب دري في السماء إضاءة، قلوبهم على قلب واحد، لا اختلاف بينهم ولا تباغض يسبحون الله بكرة وعشيا ، لا يسقمون فيها ولا يموتون، ولا ينزفون [لا يسكرون ] ، آنيتهم من الذهب والفضة ، وأمشاطهم الذهب ووقود مجامرهم الألوة [ عود الطيب ]، ورشحهم المسك).
وروى الترمذي بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : عرض عليّ أول ثلاثة يدخلون الجنة : شهيد ، وعفيف متعفف ، وعبد أحسن عبادة الله ونصح مواليه
أما أول زمرة تدخل الجنة فقد وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : ( إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر ، والذين على آثارهم كأشد كوكب دري في السماء إضاءة، قلوبهم على قلب واحد، لا اختلاف بينهم ولا تباغض يسبحون الله بكرة وعشيا ، لا يسقمون فيها ولا يموتون، ولا ينزفون [لا يسكرون ] ، آنيتهم من الذهب والفضة ، وأمشاطهم الذهب ووقود مجامرهم الألوة [ عود الطيب ]، ورشحهم المسك).
وروى الترمذي بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : عرض عليّ أول ثلاثة يدخلون الجنة : شهيد ، وعفيف متعفف ، وعبد أحسن عبادة الله ونصح مواليه
آخر من يدخل الجنة
حدثنا الرسول صلى الله عليه وسلم قصة آخر من يخرج من النار ويدخل الجنة، وما جرى من حوار بينه وبين ربه، وما أعطاه الله من الكرامة العظيمة التي لم يصدق أن الله أكرمه بها لعظمها، وقد جمع ابن الأثير روايات هذا الحديث في جامع الأصول ومنه نقلنا هذه الأحاديث
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إني لأعلم آخر أهل النار خروجا منها ، وآخر أهل الجنة دخولا الجنة : رجل يخرج من النار حبوا، فيقول الله له: اذهب فادخل الجنة، فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى، فيرجع فيقول: يارب وجدتها ملأى ، فيقول الله عز وجل: اذهب فادخل الجنة ، فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها، أو إن لك مثل عشرة أمثال الدنيا، فيقول: أتسخر بي- أو تضحك بي - وأنت الملك؟ قال: فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه، فكان يقال: ذلك أدنى أهل الجنة منزلة).أخرجه البخاري ومسلم
ولمسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إني لأعرف آخر أهل النار خروجا من النار: رجل يخرج منها زحفا فيقال له: انطلق فادخل الجنة، قال : فيذهب فيدخل الجنة ، فيجد الناس قد أخذوا المنازل، فيقال له: أتذكر الزمان الذي كنت فيه؟ فيقول : نعم، فيقال له : تمن، فيتمنى، فيقال له: لك الذي تمنيت، وعشرة اضعاف الدنيا، فيقول أتسخر بي وأنت الملك؟ قال: فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك حتى بدت نواجذه). وفي رواية الترمذي مثل هذه التي لمسلم
***
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( آخر من يدخل الجنة رجل ، فهو يمشي مرة ، ويكبو مرة ، وتسفعه النار مرة، فإذا ما جاوزها التفت إليها فقال : تبارك الذي نجاني منك ، لقد أعطاني الله شيئا ما أعطاه أحدا من الأولين والآخرين، فترفع له شجرة ، فيقول يا رب: ادنني من هذه الشجرة فلأستظل بظلها، واشرب من مائها، فيقول الله عز وجل: يا ابن آدم لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها؟ فيقول : لا ، يارب ، ويعاهده أن لا يسأله غيرها، قال : وربه عز وجل يعذره لأنه يرى مالا صبر له عليه، فيدنيه منها ن فيستظل بظلها ، ويشرب من مائها ، ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى ، فيقول : اي رب ، أدنني من هذه لشرب من مائها، وأستظل بظلها ، لا أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم، الم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ فيقول: لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها؟ فيعاهده أن لا يسأله غيرها، وربه تعالى يعذره، لأنه يرى مالا صبر له عليه، فيدنيه منها، فيستظل بظلها، ويشرب من مائها، ثم ترفع له شجرة له عند باب الجنة، وهي أحسن من الأوليين، فيقول: أي رب أدنني من هذه لأستظل بظلها وأشرب من مائها ، لا أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم ، ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها ؟ قال : بلى، يا رب لا أسألك غيرها - وربه عز وجل يعذره لأنه يرى مالا صبر له عليه- فيدنيه منها، فإذا أدناه منها سمع اصوات أهل الجنة ، فيقول اي رب أدخلنيها، فيقول: يا ابن آدم ن ما يصريني منك أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها ؟ قال : يارب، اتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟ فضحك ابن مسعود، فقال: ألا تسألوني مم أضحك؟ قالوا مم تضحك؟ قال : هكذا ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا مما تضحك يا رسول الله؟ فقال : من ضحك رب العالمين ، حين قال : أتستهزئ بي وأنت رب العالمين؟ فيقول : إني لا استهزئ منك، ولكني على ما اشاء قادر ( أخرجه مسلم
أسياد أهل الجنة
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إني لأعلم آخر أهل النار خروجا منها ، وآخر أهل الجنة دخولا الجنة : رجل يخرج من النار حبوا، فيقول الله له: اذهب فادخل الجنة، فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى، فيرجع فيقول: يارب وجدتها ملأى ، فيقول الله عز وجل: اذهب فادخل الجنة ، فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها، أو إن لك مثل عشرة أمثال الدنيا، فيقول: أتسخر بي- أو تضحك بي - وأنت الملك؟ قال: فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه، فكان يقال: ذلك أدنى أهل الجنة منزلة).أخرجه البخاري ومسلم
ولمسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إني لأعرف آخر أهل النار خروجا من النار: رجل يخرج منها زحفا فيقال له: انطلق فادخل الجنة، قال : فيذهب فيدخل الجنة ، فيجد الناس قد أخذوا المنازل، فيقال له: أتذكر الزمان الذي كنت فيه؟ فيقول : نعم، فيقال له : تمن، فيتمنى، فيقال له: لك الذي تمنيت، وعشرة اضعاف الدنيا، فيقول أتسخر بي وأنت الملك؟ قال: فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك حتى بدت نواجذه). وفي رواية الترمذي مثل هذه التي لمسلم
***
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( آخر من يدخل الجنة رجل ، فهو يمشي مرة ، ويكبو مرة ، وتسفعه النار مرة، فإذا ما جاوزها التفت إليها فقال : تبارك الذي نجاني منك ، لقد أعطاني الله شيئا ما أعطاه أحدا من الأولين والآخرين، فترفع له شجرة ، فيقول يا رب: ادنني من هذه الشجرة فلأستظل بظلها، واشرب من مائها، فيقول الله عز وجل: يا ابن آدم لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها؟ فيقول : لا ، يارب ، ويعاهده أن لا يسأله غيرها، قال : وربه عز وجل يعذره لأنه يرى مالا صبر له عليه، فيدنيه منها ن فيستظل بظلها ، ويشرب من مائها ، ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى ، فيقول : اي رب ، أدنني من هذه لشرب من مائها، وأستظل بظلها ، لا أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم، الم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ فيقول: لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها؟ فيعاهده أن لا يسأله غيرها، وربه تعالى يعذره، لأنه يرى مالا صبر له عليه، فيدنيه منها، فيستظل بظلها، ويشرب من مائها، ثم ترفع له شجرة له عند باب الجنة، وهي أحسن من الأوليين، فيقول: أي رب أدنني من هذه لأستظل بظلها وأشرب من مائها ، لا أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم ، ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها ؟ قال : بلى، يا رب لا أسألك غيرها - وربه عز وجل يعذره لأنه يرى مالا صبر له عليه- فيدنيه منها، فإذا أدناه منها سمع اصوات أهل الجنة ، فيقول اي رب أدخلنيها، فيقول: يا ابن آدم ن ما يصريني منك أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها ؟ قال : يارب، اتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟ فضحك ابن مسعود، فقال: ألا تسألوني مم أضحك؟ قالوا مم تضحك؟ قال : هكذا ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا مما تضحك يا رسول الله؟ فقال : من ضحك رب العالمين ، حين قال : أتستهزئ بي وأنت رب العالمين؟ فيقول : إني لا استهزئ منك، ولكني على ما اشاء قادر ( أخرجه مسلم
أسياد أهل الجنة
سيدا كهول أهل الجنة: روى جمع من الصحابة منهم علي بن أب طالب وأنس بن مالك وابو جحيفة وجابر بن عبدالله وأبو سعيد الخدري أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين)، وقد ذكر الشيخ ناصر الدين الألباني طرقه في كتب السنة، وقال في خاتمه تخريجه للحديث: ( وجملة القول أن الحديث بمجموع طرقه صحيح بلا ريب، لأن بعض طرقه حسن لذاته ، وبعضه يستشهد به ....)
سيدا شباب أهل الجنة: أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، ثبت ذلك من طرق كثيرة تبلغ درجة التواتر، وقد جمع الشيخ الألباني طرق الحديث في كتابه القيم ( سلسلة الأحاديث الصحيحة)، فقد رواه الترمذي والحاكم والطبراني وأحمد وغيرهم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة).
سيدات نساء أهل الجنة: السيدة الفاضلة هي التي يرضى عنها ربها، ويتقبلها بقبول حسن، وأفضل النساء هن اللواتي يحزن جنات النعيم، ونساء أهل الجنة يتفاضلن ، وسيدات نساء أهل الجنة : خديجة ، وفاطمة ، ومريم ، وآسية ن ففي مسند أحمد ومشكل الآثار للطحاوي ومستدرك الحاكم، بإسناد صحيح عن ابن عباس قال : خط رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض اربعة أخطط، ثم قال: ( هل تدرون ما هذا ؟) قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: ( أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، ومريم ابنة عمران ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون)، ومريم وخديجة أفضل الأربع، ففي صحيح البخاري عن علي بن ابي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ) خير نسائها مريم ، وخير نسائها خديجة بنت خويلد(. ومريم هي سيدة النساء الأولى وأفضل النساء على الإطلاق، فقد روى الطبراني بإسناد صحيح على شرط مسلم عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خير النساء بعد مريم ابنة عمران : فاطمة ، وخديجة ، وآسية امرأة فرعون) وكونها أفضل النساء على الإطلاق صرح به القرآن : ( وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين) وكيف لا تكون كذلك وقد صرح الحق بأنه تقبلها : ( بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا )
سيدا شباب أهل الجنة: أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، ثبت ذلك من طرق كثيرة تبلغ درجة التواتر، وقد جمع الشيخ الألباني طرق الحديث في كتابه القيم ( سلسلة الأحاديث الصحيحة)، فقد رواه الترمذي والحاكم والطبراني وأحمد وغيرهم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة).
سيدات نساء أهل الجنة: السيدة الفاضلة هي التي يرضى عنها ربها، ويتقبلها بقبول حسن، وأفضل النساء هن اللواتي يحزن جنات النعيم، ونساء أهل الجنة يتفاضلن ، وسيدات نساء أهل الجنة : خديجة ، وفاطمة ، ومريم ، وآسية ن ففي مسند أحمد ومشكل الآثار للطحاوي ومستدرك الحاكم، بإسناد صحيح عن ابن عباس قال : خط رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض اربعة أخطط، ثم قال: ( هل تدرون ما هذا ؟) قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: ( أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، ومريم ابنة عمران ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون)، ومريم وخديجة أفضل الأربع، ففي صحيح البخاري عن علي بن ابي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ) خير نسائها مريم ، وخير نسائها خديجة بنت خويلد(. ومريم هي سيدة النساء الأولى وأفضل النساء على الإطلاق، فقد روى الطبراني بإسناد صحيح على شرط مسلم عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خير النساء بعد مريم ابنة عمران : فاطمة ، وخديجة ، وآسية امرأة فرعون) وكونها أفضل النساء على الإطلاق صرح به القرآن : ( وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين) وكيف لا تكون كذلك وقد صرح الحق بأنه تقبلها : ( بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا )
مقدار ما يدخل الجنة من هذه الأمة
يدخل من هذه الأمة الجنة جموع كثيرة الله أعلم بعددهم ، ففي صحيح البخاري عن سعيد بن جبير قال : حدثني ابن عباس ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم ( عرضت عليّ الأمم ، فأخذ النبي يمر معه الأمة ، والنبي يمر معه النفر ، والنبي يمر معه العشرة ، والنبي يمر معه الخمسة ، والنبي يمر وحده ، فنظرت فإذا سواد كثير، قلت : يا جبريل هؤلاء أمتي ؟ قال : لا ، ولكن انظر إلى الأفق ، فنظرن فإذا سواد كثير ، قال: هؤلاء أمتك ، وهؤلاء سبعون ألفا قدامهم لا حساب عليهم ولا عذاب ). والسواد الأول الذي ظنه الرسول صلى الله عليه وسلم أمته هم بنو اسرائيل، كما في بعض الروايات في الصحيح ( فرجوت أن تكون أمتي فقيل هذا موسى وقومه ). ولا شك أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم أكثر من بني اسرائيل ، ففي الحديث ( فإذا سواد كثير ) قال ابن حجر في رواية سعيد سعيد بن منصور " عظيم " وزاد فقيل لي : ( انظر إلى الأفق ، فنظرت فإذا سواد عظيم ، فقيل انظر إلى الأفق الآخر مثله ) وفي رواية ابن فضيل ( فإذا سواد قد ملأ الأفق ، فقيل لي : انظر هنا ، وهاهنا في آفاق السماء ) وفي حديث ابن مسعود ( فإذا الأفق قد سد بوجوه الرجال ، وفي لفظ لأحمد : فرأيت أمتي قد ملؤوا السهل والجبل ، فأعجبني كثرتهم وهيأتهم، فقيل أرضيت يا محمد ؟ قلت : نعم يا رب )
وقد ورد في بعض الأحاديث أن مع كل ألف من السبعين ألفا ، سبعين ألفا وثلاث حثيات من حثيات الله ، ففي مسند أحمد ، وسنن الترمذي وابن ماجه عن أبي أمامة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب ، ومع كل ألف سبعون ألفا ، وثلاث حثيات من حثيات ربي ) ولا شك أن الثلاث حثيات تدخل الجنة خلقا كثيرا
وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرجو أن تكون هذه الأمة نصف أهل الجنة ، ففي الحديث المتفق عليه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذكر بعث النار ، قال صلوات الله وسلامه عليه في آخره ( والذي نفسي بيده إني أرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة ، فكبرنا . فقال : أرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة ، فكبرنا . قال : ما أنتم في الناس إلا كالشعرة السوداء في جلد ثور أبيض ، أو كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود ) .وورد في سنن الترمذي بإسناد حسن ، وسنن الدارمي عن بريدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أهل الجنة عشرون ومائة صف ، ثمانون منها من هذه الأمة ، وأربعون من سائر الأمم ) ، وهذا يعني أن هذه الأمة تبلغ ثلثي أهل الجنة
وفي صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أنا أول شفيع في الجنة لم يصدق نبي من الأنبياء ما صدقت، وإن من الأنبياء نبيا ما صدقه من أمته إلا رجل واحد ) . والسر في كثرة من آمن من هذه الأمة أن معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم الكبرى كانت وحيا متلوا يخاطب العقول والقلوب ، وهي معجزة باقية محفوظة إلى قيام الساعة، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما من الأنبياء نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحى الله إليّ ، وأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة )
أكثر أهل الجنة
أكثر من يدخل الجنة الضعفاء الذين لا يأبه الناس لهم ، ولكنهم عند الله عظماء ، لإخباتهم لربهم ، وتذللهم له ، وقيامهم بحق العبودية لله ، روى البخاري ومسلم عن حارثة بن وهب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ألا أخبركم بأهل الجنة ؟ قالوا: بلى ، قال: كل ضعيف متضعف، لو أقسم على الله لأبره )، قال النووي في شرحه للحديث ( ومعناه يستضعفه الناس ويحتقرونه ويتجبرون عليه، لضعف حاله في الدنيا ، والمراد أن أغلب أهل الجنة هؤلاء ......... وليس المراد الاستيعاب ) . وفي الصحيحين ومسند أحمد عن أسامة بن زيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قمت على باب الجنة فكان عامة من دخلها المساكين وأصحاب الجد محبوسين غير أن أصحاب النار قد أمر بهم إلى النار ، وقمت على باب النار فإذا عامة من دخلها النساء ) . وفي الصحيحين عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اطلعت في الجنة ، فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء ).
وتخاصم الرجال والنساء زمن الصحابة في أكثر أهل الجنة ، هل هم الرجال أم النساء ؟
ففي صحيح مسلم عن ابن سيرين قال : اختصم الرجال والنساء أيهم أكثر في الجنة ؟ وفي رواية : إما تفاخروا وإما تذاكروا : الرجال في الجنة أكثر أم النساء؟ فسألوا أبا هريرة ، فاحتج أبو هريرة رضي الله عنه على أن النساء في الجنة أكثر بقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر ، والتي تلهيا على أضوأ كوكب دري في السماء ، لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان ، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم وما في الجنة أعزب ) . والحديث واضح الدلالة على أن النساء في الجنة أكثر من الرجال ، وقد احتج بعضهم على أن الرجال أكثر بحديث (رأيتكن أكثر أهل النار ) ، والجواب أنه لا يلزم من كونهن أكثر أهل النار أن يكن أقل ساكني الجنة كما يقول ابن حجر العسقلاني ، فيكون الجمع بين الحديثين أن النساء أكثر أهل النار وأكثر أهل الجنة ، وبذلك يكن أكثر من الرجال وجودا في الخلق. ويمكن أن يقال : إن حديث أبي هريرة رضي الله عنه يدل على أن نوع النساء في الجنة أكثر سواء كن من نساء الدنيا أو من الحور العين ، والسؤال هو أيهما أكثر في الجنة : رجال الدنيا أم نساؤها ؟ وقد وفق القرطبي بين النصين بأن النساء يكن أكثر أهل النار قبل الشفاعة وخروج عصاة الموحدين من النار ، فإذا خرجوا منها بشفاعة الشافعين ورحمة أرحم الراحمين كن أكثر أهل الجنة
وهناك ما يدل على قلة النساء في الجنة وهو ما رواه أحمد وأبو يعلى عن عمرو بن العاص قال ( بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الشعب إذ قال : انظروا هل ترون شيئا ؟ فقلنا: نرى غربانا فيها غراب أعصم ، أحمر المنقار والرجلين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يدخل الجنة من النساء إلا من كان منهن مثل هذا الغراب في الغربان )
المصــــــــدر
0 comments:
إرسال تعليق
يقول الله تعالى:( مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ). أستغفر الله وأتوب إليه.
نتشرف اخي اختي الزائر(ة)بوضع بصمتك في المدونة بتعليق،و الابلاغ على
اي رابط لا يعمل (صورة ، فيديو ، او روابــــط تحميل...)